تاريخ المشاركة
شهدت الإمارات العربية المتحدة -عبر تاريخها- ترسيخ مبادئ الشورى وأصول المشاركة الشعبية في مسيرتها الحضارية وبنائها المجتمعي. فقد عرف شعب الإمارات الشورى ومارسها كنهج أصيل يحكم العلاقة بين الحكام والمواطنين منذ عقود طويلة قبل قيام الاتحاد. وتُعد مجالس الحكام أهم الأماكن التي يتم فيها تبادل الرأي والمشورة حول مختلف قضايا المواطنين وهمومهم ومشاكلهم ووسائل التغلب عليها، وكيفية تلبية احتياجاتهم وتحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم.
وقد نشأ الاتحاد بين إمارات الدولة المختلفة في سنة 1971م كنتيجة مباشرة لسيادة قيم المشاركة ونهج الشورى بين قادتها الذين آلو على أنفسهم أن يحققوا هدفاً أسمى يصبو إليه كل عربي وهو قيام الوحدة بين سائر أقطار الأمة العربية.
وقد أرسيت قواعد الحكم الاتحادي على أسس سليمة، وصفتها ديباجة الدستور بأنها أسس تتماشى مع واقع الإمارات وإمكاناتها في الوقت الحاضر، وتطلق يد الاتحاد بما يمكنه من تحقيق أهدافه، وتصون الكيان الذاتي لأعضائه بما لا يتعارض وتلك الأهداف، وتُعدّ شعب الاتحاد في الوقت ذاته للحياة الدستورية الحرة الكريمة، مع السير به قدماً نحو حكم ديمقراطي نيابي متكامل الأركان، في مجتمع عربي إسلامي متحرر من الخوف والقلق.
وكخطوة أولى في سبيل إقامة حكم نيابي متكامل الأركان، تم التفكير في تأسيس مجلس يقوم إلى جانب السلطة التنفيذية، ليقدم لها العون في عملية سن التشريعات التي تنظم شؤون الجماعة، فتم إنشاء المجلس الوطني الاتحادي في سنة 1972م.
ومن ثم فقد ظلت المشاركة السياسية في الإمارات العربية المتحدة باعتبارها مفهوماً راسخاً في واقعها السياسي والاجتماعي والثقافي لما تتصف به من روح التسامح والتصالح، ليس –فقط- على المستوى الرسمي بل على المستوى الشعبي أيضاً.
ولم تقف عجلة التطور عند هذا الحد، بل إن الإمارات العربية المتحدة عبر تجربتها التنموية قد أسست لإطار سياسي يدعم المشاركة السياسية من خلال بناء اجتماعي وتنموي يرعى المشاركة ويعززها؛ إذ خلقت تجربة الإمارات التنموية وانفتاحها على الأرض حقائق وأبرزت واقعاً يعزز فكرة المجتمع المنفتح وبما تنطوي عليه من مبادئ المشاركة السياسية. فتكريس مبدأ سيادة القانون وإدراك مدى أهميته من جانب الدولة إنما يساهم في تعزيز المشاركة السياسية، أضف إلى ذلك الانفتاح الإعلامي المتميز الذي تشهده الإمارات والذي يعد مكوناً أساسياً من مكونات إثراء التجربة الإماراتية وتنوعها.
علاوة على ذلك، يمثل السجل الإيجابي للإمارات في مجال تمكين المرأة حافزاً مهماً في ترسيخ المشاركة السياسية وتعزيزها، وعاملاً أساسياً لوجود قبول عام لتحديث المشاركة السياسية وتطوير قنواتها.