توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية بين الاتحاد والإمارات في الدستور | وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي

توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية بين الاتحاد والإمارات في الدستور

مارس 31, 2016

توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية بين الاتحاد والإمارات في الدستور

أولاً: كيفية توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية والدولية في الدساتير الاتحادية المقارنة:

يتكفل الدستور في الدول الاتحادية (أي الفيدرالية) بتوزيع الاختصاصات المختلفة فيها (التشريعية والتنفيذية والدولية) بين السلطات الاتحادية وسلطات الدول (الولايات- الدويلات- الإمارات) الأعضاء فيها. ويتم ذلك وفقاً لعدة اعتبارات، يأتي في مقدمتها الطريقة التي نشأت بها الدولة الاتحادية. فإذا كانت الدولة الاتحادية قد نشأت عن طريـق انـضمام عدة دول مستقلة إلى بعضها البعض؛ فإن كلاً من هذه الدول تسعى إلى تقليص اختصاصات السلطات الاتحادية، وذلك من منطلق حرصها على الاحتفاظ بأكبر قدر من الاستقلالية التي كانت تملكها قبل انضمامها إلى الدولة الاتحادية، أما إذا كانت الدولة الاتحادية قد نشأت نتيجة تفكك دولة موحدة (أي بسيطة)؛ فإن الدول الأعضاء فيها تميل نحو توسيع اختصاصات السلطات الاتحادية، نظرا لاستئثار الدولة الموحدة (أو البسيطة) بكافة السلطات قبل تفككها وتحولها إلى دولة اتحادية.

وفي كل الأحوال، تنفرد حكومة الاتحاد بممارسة الشؤون الخارجية والعلاقات الدولية (أي مظاهر السيادة الخارجية للدولة)، إلا أن طريقة توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية (أي مظاهر السيادة الداخلية للدولة) بين الدولة الاتحادية والدول الأعضاء فيها هي التي تبقى محل اختلاف بين الدساتير الاتحادية.

وبوجه عام، توجد هناك ثلاث طرق لتوزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية في الدول الاتحادية، هي:-

1.    تحديد اختصاصات كل من الدولة الاتحادية والدويلات الأعضاء فيها على سبيل الحصر:

وتقوم هذه الطريقة على أساس قيام الدستور الاتحادي بتحديد الاختصاصات التشريعية والتنفيذية التي تُناط بدولة الاتحاد، وأيضاً تلك التي تُناط بالدول الأعضاء فيها على سبيل الحصر.

ويؤخذ على هذه الطريقة استحالة تحديد الأمور التي تدخل ضمن اختصاص دولة الاتحاد وتلك التي تدخل ضمن اختصاص الدويلات الأعضاء فيها بشكل يشمل جميع شؤون الدولة مهما حرص الدستور على تفصيلها، كما أنه سيكون من الصعب تحديد الجهة المختصة بالشؤون التشريعية أو التنفيذية التي قد تستجد في المستقبل أهي السلطات الاتحادية أم السلطات المحلية.

2.    تحديد اختصاصات الدول الأعضاء في دولة الاتحاد على سبيل الحصر:

وتقوم هذه الطريقة على أساس قيام الدستور الاتحادي بتحديد الاختصاصات التشريعية والتنفيذية التي تناط بالدول الأعضاء في دولة الاتحاد على سبيل الحصر، على أن يترك ما عداها من اختصاصات لدولة الاتحاد. بحيث يكون اختصاص السلطات المحلية اختصاصاً محدداً، بينما يكون اختصاص دولة الاتحاد اختصاصاً عاماً يشمل كل الأمور التي لم ينص عليها الدستور، وأيضاً كل ما يستجد في المستقبل من أمور لا تدخل في الشؤون المحددة للسلطات المحلية في الدستور على سبيل الحصر.

وتتميز هذه الطريقة بأنها توسع من نطاق الاختصاصات التشريعية والتنفيذية لدولة الاتحاد وتقويتها على حساب الدول الأعضاء فيها، مما يعكس تنازل الدول الأعضاء في دولة الاتحاد عن قدر أكبر من استقلالها الداخلي لصالح دولة الاتحاد.

3.    تحديد اختصاصات دولة الاتحاد على سبيل الحصر:

وتقوم هذه الطريقة على أساس قيام الدستور الاتحادي بتحديد الاختصاصات التشريعية والتنفيذية التي تناط بالسلطات الاتحادية على سبيل الحصر، على أن يترك ما عداها من اختصاصات للسلطات المحلية. بحيث يكون اختصاص السلطات الاتحادية محدداً، بينما يكون اختصاص السلطات المحلية عاماً يشمل كل الأمور التي لم ينص عليها الدستور، وأيضاً كل ما يستجد في المستقبل من أمور لا تدخل في الشؤون المحددة للسلطات الاتحادية في الدستور على سبيل الحصر.

وتتميز هذه الطريقة بأنها توسع من نطاق الاختصاصات التشريعية والتنفيذية للسلطات المحلية وتقويتها على حساب السلطات الاتحادية، مما يعكس حرص الدول الأعضاء في دولة الاتحاد على الاحتفاظ بأكبر قدر من استقلالها الداخلي في مواجهة دولة الاتحاد.

وعلاوة على هذه الطرق الثلاث الرئيسة لتوزيع الاختصاصات بين الدول الاتحادية والدول الأعضاء فيها، فإننا بعض الدساتير الاتحادية تتضمن النص على اختصاصات مشتركة بين السلطات الاتحادية والسلطات المحلية في بعض الشؤون الداخلية، أهمها:-

  • اختصاص السلطات الاتحادية بوضع الأسس العامة والمبادئ الرئيسة في بعض الشؤون الداخلية، على أن يترك للسلطات المحلية وضع التفاصيل الجزئية وإجراءات التنفيذ لها بحسب ظروف كل منها.
  • اختصاص السلطات الاتحادية بالموافقة على القرارات التي تصدرها السلطات المحلية في بعض الأمور (كعقد الاتفاقيات ذات الطبيعة المحلية مع الدول الأخرى).
  • الاختصاص الاختياري للسلطات المحلية؛ بحيث يكون لها الحق في ممارسة هذا الاختصاص إذا لم تمارسه السلطات الاتحادية.

ثانياً: كيفية توزيع الاختصاصات في دستور دولة الإمارات العربية المتحدة:

يتضح لنا من استقراء النصوص الدستورية التي تضمنها الباب (السابع) من الدستور المعنون “توزيع الاختصاصات التشريعية والتنفيذية والدولية بين الاتحاد والإمارات” على أن الدستور قد أخذ بالطريقة الثالثة من طرق توزيع الاختصاصات في دولة الاتحاد. وتفسير ذلك أن المادتين (120) و(121) من الدستور الاتحادي قد حددتا الاختصاصات التشريعية والتنفيذية التي ينفرد بها الاتحاد على سبيل الحصر، كما نصت المادة (122) منه على أن تختص الإمارات بكل الاختصاصات التشريعية والتنفيذية التي لا تنفرد بها السلطات الاتحادية.

حيث تحدد المادة (120( من الدستور الشؤون التي ينفرد الاتحاد فيها بالتشريع والتنفيذ معاً، وهي:-

  • الشؤون الخارجية.
  • الدفاع والقوات المسلحة الاتحادية.
  • حماية أمن الاتحاد مما يتهدده من الخارج أو الداخل.
  • شؤون الأمن والنظام والحكم في العاصمة الدائمة للاتحاد.
  • شؤون موظفي الاتحاد والقضاء الاتحادي.
  • مالية الاتحاد والضرائب والرسوم والعوائد الاتحادية.
  • القروض العامة الاتحادية.
  • الخدمات البريدية والبرقية والهاتفية واللاسلكية.
  • شق الطرق الاتحادية التي يقرر المجلس الأعلى أنها طرق رئيسية وصيانتها وتحسينها وتنظيم حركة المرور على هذه الطرق.
  • المراقبة الجوية وإصدار تراخيص الطيارات والطيارين.
  • التعليم.
  • الصحة العامة والخدمات الطبية.
  • النقد والعملة.
  • المقاييس والمكاييل والموازين.
  • خدمات الكهرباء.
  • الجنسية الاتحادية والجوازات والإقامة والهجرة.
  • أملاك الاتحاد وكل ما يتعلق بها.
  • شؤون التعداد والإحصاء الخاصة بأغراض الاتحاد.
  • الإعلام الاتحادي .

بينما تحدد المادة (121( من الدستور الشؤون التي ينفرد فيها الاتحاد بالتشريع فقط، على أن يترك أمر تنفيذها للسلطات المحلية في الإمارات، وهي:-

  • علاقات العمل والعمال والتأمينات الاجتماعية.
  • الملكية العقارية ونزع الملكية للمنفعة العامة.
  • تسليم المجرمين.
  • البنوك.
  • التأمين بأنواعه.
  • حماية الثروة الزراعية والحيوانية.
  • التشريعات الكبرى المتعلقة بقوانين الجزاء والمعاملات المدنية والتجارية والشركات، والإجراءات أمام المحاكم المدنية والجزائية.
  • حماية الملكية الأدبية والفنية والصناعية وحقوق المؤلفين.
  • المطبوعات والنشر.
  • استيراد الأسلحة والذخائر ما لم تكن لاستعمال القوات المسلحة أو قوات الأمن التابعة لأي إمارة.
  • شؤون الطيران الأخرى التي لا تدخل في اختصاصات الاتحاد التنفيذية.
  • تحديد المياه الإقليمية وتنظيم الملاحة في أعالي البحار.
  • تنظيم وطريقة إنشاء المناطق الحرة المالية ونطاق استثنائها من تطبيق أحكام التشريعات الاتحادية.

إضافة إلى ذلك، فقد تضمنت نصوص الدستور بعض صور الاختصاصات المشتركة بين الاتحاد والإمارات، والتي نلخصها فيما يلي:-

1.    الاختصاص المشترك بين الاتحاد والإمارات في نطاق الشؤون الخارجية والعلاقات الدولية. حيث تجيز المادة (123( من الدستور للإمارات الأعضاء في الاتحاد –استثناء من انفراد الاتحاد أصلاً بالشؤون الخارجية والعلاقات الدولية- عقد اتفاقيات محدودة ذات طبيعة إدارية محلية مع الدول والأقطار المجاورة لها، على ألا تتعارض هذه الاتفاقيات مع مصالح الاتحاد ولا مع القوانين الاتحادية، وبشرط إخطار المجلس الأعلى للاتحاد مسبقاً. فإذا اعترض المجلس الأعلى للاتحاد على إبرام مثل تلك الاتفاقيات، فيتعين إرجاء الأمر إلى أن تبت المحكمة الاتحادية بالسرعة الممكنة في هذا الاعتراض. كما تجيز هذه المادة للإمارات الأعضاء في الاتحاد الاحتفاظ بعضويتها في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) ومنظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك) أو الانضمام إلي أي منهما.

2.    الاختصاص المشترك بين الاتحاد والإمارات في نطاق عقد المعاهدات والاتفاقيات الدولية. حيث تشترط المادة (124) من الدستور قيام السلطات الاتحادية المختصة، قبل ابرام أية معاهدة أو اتفاقية دولية يمكن أن تمس المركز الخاص بإحدى الإمارات، باستطلاع رأي هذه الإمارة مسبقاً. فإذا اعترضت الإمارة المعنية على الاتفاقية المزمع إبرامها، يعرض الأمر على المحكمة الاتحادية العليا للبت فيه.

3.    الاختصاص المشترك بين الاتحاد والإمارات في نطاق تنفيذ القوانين الاتحادية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي يبرمها الاتحاد. حيث تلزم المادة (125) من الدستور حكومات الإمارات باتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ القوانين الصادرة عن الاتحاد والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي يبرمها، بما في ذلك إصدار القوانين واللوائح والقرارات والأوامر المحلية اللازمة لهذا التنفيذ. كما تمنح هذه المادة السلطات الاتحادية الإشراف على تنفيذ حكومات الإمارات للقوانين والقرارات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والأحكام القضائية الاتحادية. كذلك تلزم هذه المادة السلطات الإدارية والقضائية المختصة في الإمارات بتقديم كل المساعدات الممكنة لسلطات الاتحاد في هذا الشأن.

شكراً على آرائكم