الدستور في سطور (الجزء الثاني) | وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي

الدستور في سطور (الجزء الثاني)

يونيو 20, 2013

الدستور في سطور (الجزء الثاني)

نستكمل معكم في هذا العدد الحقوق والحريات العامة التقليدية:

ب- الحقوق والحريات الفكرية:

وتقوم هذه الطائفة من الحريات على أساس أن الإنسان حر في أن يكون رأيه كما يريد، وحر في التعبير عنه كما يريد. فهو حر في أن يكون فكره في شتى الموضوعات، وهو حر في أن ينشر هذا الفكر على الآخرين بالوسائل التى يملكها.

وتتعدد صور الحريات الفكرية على النحو التالي:

– حرية العقيدة: ويقصد بها حرية الشخص في أن يعتنق الدين أو المبدأ الذي يريده، وحريته في أن يمارس شعائر ذلك الدين سواء في الخفاء أو في العلن، وحريته في ألا يعتقد في أى دين، وحريته في ألا يفرض عليه دين معين أو أن يجبر على مباشرة المظاهر الخارجية أو الاشتراك في الطقوس المختلفة للدين وحريته في تغيير دينه أو عقيدته، كل ذلك في حدود النظام العام وحسن الآداب؛ فليس للدولة الحق في التدخل فى ممارسة الشعائر الدينية، ما دام السلوك المرتبط بالتعبير عن هذه العقيدة لا يهدد النظام العام بشكل مباشر.

وقد أكد الدستور الإماراتي على حرية العقيدة في المادة (32) منه، والتي تنص على أن (حرية القيام بشعائر الدين طبقاً للعادات المرعية مصونة، على ألا يخل ذلك بالنظام العام، أو ينافي الآداب العامة).

– حرية التعليم: يمثل التعليم واحداً من أهم الحاجات الأساسية للفرد، ولا تنفصل حرية التعليم عن باقي الحقوق الأساسية التى يحرص المجتمع على توفيرها للمواطنين، فمن خلالها يمكن ممارسة بقية الحقوق مع الالتزام بالواجبات المقابلة لها. وإذا كانت اتجاهات التعليم تتحدد بواقع القوى السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تسود المجتمع، فإن حرية التعليم تأخذ مكان الصدارة كأداة فعالة في تحقيق جميع الحريات، سواء في ذلك الحريات السياسية أو الحريات الاجتماعية.

وتعني حرية التعليم حق الفرد فى المعرفة وحقه في أن ينقل تجاربه وخبراته ومعارفه للآخرين. والحق في المعرفة ونقلها للآخرين يشبع حاجتين أساسيتين، هما غريزة حب الاستطلاع وغريزة تأكيد الذات واحترامها. ولما كان التعليم هو أبرز الوسائل لتحقيق المعرفة، فإن الحق في التعليم يصبح أساس المواطنة.

وتنطوي حرية التعليم على عدة أمور، هي حق الفرد في أن يلقن العلم للآخرين، وحقه في أن يتلقى قدراً من التعليم، وحقه في أن يختار من المعلمين من يشاء. وحقه في أن يختار نوع التعليم الذي يرغبه.

وقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حرية التعليم، حيث نصت المادة (26) منه على أن “لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم مجانياً على الأقل في مراحله الأولى أو الأساسية، وأن يكون التعليم الأولي إلزامياً، ويجب أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن يتاح التعليم العالي للجميع على قدم المساواة التامة وعلى أساس من الجدارة والاستحقاق”. كما نصت على أنه “للآباء الحق في اختيار نوع التعليم الذي يريدونه لأبنائهم”. كذلك نصت على أنه “لا يجوز قبول أي تمييز أو استبعاد أي شخص من التعليم العالي أو من فروعه الدراسية أو من درجاته العلمية”.

أما بالنسبة للدستور الإماراتي فقد نص في المادة (17) منه على أن (التعليم عامل أساسي لتقدم المجتمع، وهو إلزامي في مرحلته الابتدائية ومجاني في كل مراحله داخل الاتحاد. ويضع القانون الخطط اللازمة لنشر التعليم وتعميمه بدرجاته المختلفة، والقضاء على الأمية).

وهكذا حرص الدستور الإماراتي على أن يكون التعليم في مؤسسات الاتحاد التعليمية مجانياً فى مراحله المختلفة، بحيث تصبح فرصة التعليم متساوية لجميع المواطنين، ولا تكون ميزة يستأثر بها أبناء الأغنياء ويحرم منها أبناء محدودي الدخل مهما ارتفعت ملكاتهم الذهنية ومواهبهم الشخصية.

كما اهتم الدستور بقضية محو الأمية، فنص على أن يضع القانون الخطط اللازمة للقضاء عليها.

– حرية الرأى: ترتد الحريات السابقة جميعها إلى فكرة حرية الرأى وحرية التعبير عنه سواء عن طريق ممارسة الشعائر الدينية، أو عن طريق التعلم والتعليم، أو عن طريق الصحافة أو الإذاعة أو المسرح أو السينما أو بالنشر فى الكتب.

ومن ثم تعد حرية الرأى هى أم الحريات الفكرية أو الذهنية وهى أيضاً أم الحريات السياسية. فهي حرية متصلة بالفكر، لأنها تتعلق بحق الإنسان في أن يفكر وفي أن يكون له رأيه ومعتقداته وأفكاره الخاصة التي يستقيها من تجاربه وخبراته ومن وسائل العلم والمعرفة. وهي حرية سياسية، تتعلق بحق المشاركة السياسية، بالنظر إلى أهميتها في مجال ترشيد السياسة وتكوين عقيدة الإنسان السياسية تجاه قضايا وطنه بل وقضايا العالم من حوله.

ولقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حرية الرأى، حيث نصت المادة (20) منه على أن “لكل شخص الحق في حرية الرأي، والتعبير عنه بما ينطوى عليه ذلك من حرية اعتناق الآراء دون الخضوع للتحقيق بسبب ذلك، وحرية استقاء المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها بمختلف الوسائل دون التقيد بالحدود الجغرافية”.

وقد أكد الدستور الإماراتي على حرية الرأي، حيث نصت المادة (30) منه علي أن (حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون).

وقد كفل القانون الاتحادي رقم (15) لسنة 1980 بشأن المطبوعات والنشر حرية الصحافة عند قيامه بتنظيمها، بما فرضه من قيود على ممارسة الوزير لصلاحياته الإدارية حتى لا يستغلها في مصادرة حق التعبير المكفول بنص المادة (30) من الدستور، وبما اعترف به للصحافة من الحق في نشر ما تراه مناسباً.

– حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات: تعني حرية الاجتماع حق الأفراد في أن يتجمعوا في مكان ما فترة من الوقت ليعبروا عن آرائهم سواء فى صورة خطب أو ندوات أو محاضرات أو مناقشات جدلية..الخ.

وتفترض هذه الحرية أن يكون لصاحبها الحق في حرية الاجتماع مع من يرغب لمناقشة قضية عامة (أو خاصة) وتبادل وجهات النظر سواء بالخطب أو بالندوات أو بالمناظرات أو بالحوار أو بالمسيرات السلمية.

أما حرية تكوين الجمعيات فتعني حق الأفراد في أن يكونوا جماعات منظمة لها وجود مستمر على خلاف الاجتماعات التى لا تكون إلا لوقت محدود (مؤقتة أو طارئة). وتستهدف هذه الجماعات -التى تفترض وجوداً دائماً أو على الأقل يستمر زمناً– غايات محدودة ويكون لها نشاط مرسوم مقدماً. وتتضمن هذه الحرية أن يكون للشخص حرية الانضمام إلى ما يشاء من الجمعيات ما دامت أغراضها سلمية، وعدم جواز إكراهه على الانضمام إلى جمعية معينة من الجمعيات.

ولقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حريات الاجتماع، حيث نصت المادة (20) منه على أن “لكل شخص الحق في حرية الاجتماع والجمعيات السلمية. ولا يكره شخص على المشاركة فى جمعية ما”.

كما أكد الدستور الإماراتي على هذه الحرية فى المادة (33) منه بقوله: (حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات، مكفولة في حدود القانون).

ويقصد بالجمعية كل جماعة ذات تنظيم له صفة الاستمرار لمدة محددة أو غير محددة تؤلف من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين، بهدف تحقيق نشاط اجتماعي، أو ديني، أو ثقافي، أو علمي، أو تربوي، أو مهني، أو نسوي، أو إبداعي، أو فني، أو تقديم خدمات إنسانية، أو تحقيق غرض من من أغراض البر، أو التكافل سواء كان ذلك عن طريق المعاونة المادية أو المعنوية أو الخبرة الفنية. ولا تهدف الجمعية إلى الحصول على ربح مادي، بل تسعى في جميع أنشطتها إلى تحقيق الصالح العام. وتكون عضوية هذه الجمعيات مفتوحة للجميع وفقاً لأحكام القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم (2) لسنة 2008م في شأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية ذات النفع العام، والذي يعد انطلاقة للعمل الاجتماعي التطوعي في الدولة. حيث لبى القانون الجديد مطالب الجمعيات ذات النفع العام والمؤسسات الأهلية بتحسين وضعها القانوني بغية تفعيل دورها، كي يتاح لها فرصة المشاركة في الحراك الحاصل على الساحة الداخلية في مختلف المجالات.

ودليل ذلك أن القانون الجديد منح الجمعيات ذات النفع العام والمؤسسات الأهلية حرية أكبر في ممارسة نشاطاتها المختلفة، وذلك بتقليص دور وزارة الشؤون الاجتماعية فيما يتعلق بشؤون هذه الجمعيات، فبعد أن كان للوزارة حق التوجيه والإشراف على هذه الجمعيات والمؤسسات الأهلية، أصبح للوزارة حق الإشراف فقط.

أيضاً ينص القانون الجديد على أن يكون اعتراض وزارة الشؤون الاجتماعية أو رفضها لطلبات تأسيس جمعية ما وفقاً لأحكام هذا القانون بخطاب مسجل بعلم الوصول يرسل إلى مقدم الطلب خلال المدة المحددة في القانون.

كذلك استحدث القانون الجديد نظام المؤسسة الأهلية وهي كل مؤسسة تتكون من مؤسس واحد أو مجموعة من المؤسسين تنشأ لمدة محددة أو غير محددة وذلك بتخصيص مال لتحقيق غرض معين، دون أن يكون هدف هذه المؤسسة تحقيق الربح المادي. وجدير بالذكر أن هذا النوع من المؤسسات الأهلية كان مطلباً شعبياً لبعض الشخصيات والهيئات في المجتمع الإماراتي، والتي تريد أن تسهم في العمل التطوعي بالدولة.

أما عن الموارد المالية لهذه الجمعيات والمؤسسات الأهلية فتتمثل في الإعانات التي تحصل عليها من وزارة الشؤون الاجتماعية. ويذكر أن قيمة هذه الإعانات قد بلغت ثلاثة ملايين وستمائة ألف درهم في عام 2009م، وتتمثل أيضاً في الاستثمار في حدود الضوابط التي وضعها القانون، وكذلك الاستفادة من الرسوم والاشتراكات التي تحصلها من أعضائها.

ويشترط لإنشاء الجمعية توافر عدة شروط، أجملتها المادة الثالثة من قانون الجمعيات فيما يلي:

أ‌) ألا يقل عدد المؤسسين عن عشرين عضواَ، ويجوز للوزير الاستثناء من هذا الشرط بحيث لا يقل عدد المؤسسين عن خمسة أعضاء.

ب‌) ألا يقل عمر العضو عن ثماني عشرة سنة ميلادية.

جـ) أن يكون العضو محمود السيرة حسن السمعة، ولم يسبق الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جناية أو في جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن فد رد إليه اعتباره.

د) أن يكون جميع الأعضاء المؤسسين والعاملين من المتمتعين بجنسية الدولة.

ومما هو جدير بالذكر أن هذه الشروط تسري على الجمعيات المؤلفة من الأشخاص بالقدر الذي يمكن تطبيقها عليهم. وقد بلغ عدد الجمعيات والمؤسسات الأهلية في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال عام 2009م حوالي (140) جمعية.

أما عن العضوية في الجمعيات ذات النفع العام، فإنها تتنوع إلى ثلاثة أنواع: أولها الأعضاء العاملون ويقصد بهم الأعضاء المؤسسون وكل من ينضم إلى الجمعية طبقاً لنظامها الأساسي ممن يتمتعون بجنسية الدولة. وثانيها الأعضاء المنتسبون ويقصد بهم كل من ينضم إلى الجمعية طبقاً لنظامها الأساسي من المقيمين بالدولة من غير مواطنيها. وآخرها الأعضاء الفخريون ويقصد بهم من يرى مجلس الإدارة منحهم هذه العضوية من بين ذوي المكانة والرأي ممن أدوا خدمات جليلة للدولة أو للجمعية أو ممن لهم نشاط مرموق في ميدان الخدمات العامة والعمل التطوعي.

أما بالنسبة إلى دور الجمعيات ذات النفع العام في المشاركة السياسية، فإنه يتعين القول بأن دولة الإمارات العربية المتحدة تتميز بتعدد أهداف ومجالات العمل الاجتماعي التطوعي فيها. ويظهر هذا التعدد في صورة الجمعيات المتعلقة بالشؤون النسوية وحقوق الإنسان والجمعيات الخيرية والجمعيات الدينية والجمعيات الثقافية وجمعيات الفنون الشعبية والمسرح وجمعيات الجاليات الأجنبية وغيرها.

وتعتبر الجمعيات ذات النفع العام والمؤسسات الأهلية من أهم قنوات المشاركة الشعبية. حيث تعمل هذه الجمعيات والمؤسسات على نشر الوعي السياسي والثقافي في المجتمع. ولكنها لا تقوم بهذا الدور بشكل مباشر، بل تقوم به من خلال الأدوار الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي تقوم بها لصالح أعضائها ولصالح المجتمع الذي تعمل في رحابه.

علاوة على ذلك، تساهم هذه الجمعيات والمؤسسات في نشر ثقافة المشاركة السياسية والعمل التطوعي، وتنمية الوعي السياسي والاجتماعي لدى المواطنين في الدولة.​

شكراً على آرائكم