الدستور في سطور (الجزء الرابع) | وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي

الدستور في سطور (الجزء الرابع)

ديسمبر 30, 2013

الدستور في سطور (الجزء الرابع)

ضمانات الحقوق والحريات العامة…

نستكمل في هذا العدد الحقوق والحريات العامة التي تضمنها دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث نتناول مجموعة الضمانات اللازمة لحماية الحقوق والحريات العامة والتي تكفل ممارسة الأفراد لحقوقهم وتمتعهم بها تمتعاً حقيقياًً، وذلك بضمان عدم اعتداء السلطة على هذه الحريات أو المساس بها. ويمكننا تلخيص هذه الضمانات فيما يلي:

– مبدأ الشرعية:

يقصد بمبدأ الشرعية -والذي أصبح طابعاً مميزاً للدولة الحديثة- خضوع جميع أفراد المجتمع لأحكام القانون. مما يترتب عليه التزام السلطات الإدارية في جميع تصرفاتها بالحدود المرسومة لها بموجب مجموعة القواعد القانونية المقررة في الدولة، والتي تمثل مصادر الشرعية. وهي: الدستور (وهو القانون الأعلى أو الأساسي في الدولة)، والقوانين العادية، واللوائح، والقرارات الإدارية.

وبهذا المعنى، يمثل مبدأ الشرعية الضمانة الأساسية التي تحمي حقوق وحريات الأفراد من تعسف الإدارة وتحكمها، لما يفرضه المبدأ من خضوع الإدارة للقانون فيما تأتيه من أعمال وما تتخذه من إجراءات وتصرفات وما تتمتع به من امتيازات.

ويرجع السبب في هذا الاعتراف بمبدأ خضوع الدولة للقانون إلى الخشية من وقوع عدوان على الحقوق والحريات العامة من جانب السلطة الحاكمة التي تحتكر القوة العسكرية. ومنعاً لهذا العدوان الذي قد يأتي من جانب السلطات الحاكمة على حقوق أو حريات المواطنين، لزم إخضاع الحكام جميعاً لقانون يسمو عليهم ويقيدهم، ويبين ما لهم من اختصاصات، وما يتمتعون به من سلطات، ويحدد ما يكون للمحكومين من حقوق وحريات، تقف عندها ولا تتعداها سلطات الحكام.

ويقوم مبدأ الشرعية (أي خضوع الدولة للقانون) على أساس أن كل قيد يفرض على الحريات العامة يتعين أن يصدر بتشريع (أي بقانون) صادر عن البرلمان في الدولة، وهو ما يُطلق عليه مبدأ الشرعية الجنائية (أو مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص). وتأكيداً على ذلك، تنص المادة (27) من الدستور الإماراتي على أنه “يحدد القانون الجرائم والعقوبات. ولا عقوبة على ما تم من فعل أو ترك قبل صدور القانون الذي ينص عليها”. ويترتب على ذلك أن دور اللوائح فى مجال تنظيم الحريات يقتصر على تنفيذ وتكملة التشريع الصادر عن السلطة التشريعية.

وهكذا ترتبط الحرية بالدولة القانونية برابطة وثيقة متبادلة، إذ لا توجد حريات حقيقية إلا في كنف الدولة القانونية.

ومن ناحية ثانية لا يتحقق نظام الدولة القانونية إلا حيثما يعترف بوجود حقوق وحريات فردية تضمنها السلطة الحاكمة وتوقع الجزاء المناسب على كل من يتعرض لها أو يعتدي عليها. وقد ارتبط نشأة نظام الدولة القانونية بظهور فكرة الحقوق والحريات الفردية التي تمثل حواجز منيعة أمام سلطات الحكام.

وتتفق الدساتير الحديثة في تأكيدها على مبدأ المشروعية، من خلال النص على بيان مصادر الشرعية في الدولة وتحديد المرتبة الإلزامية لكل منها. بحيث يتم ترتيب القواعد القانونية في الدولة بحسب قوتها في شكل هرمي يقبع على رأسه الدستور باعتباره القانون الأسمى (أو الأعلى) في الدولة، ويليه القوانين العادية، ثم اللوائح الإدارية، وأخيراً القرارات الإدارية.

وقد سار الدستور الإماراتي على هذا النهج؛ حيث تقضي المادة (151) منه بأن الدستور الاتحادي له السيادة على دساتير الإمارات الأعضاء في الاتحاد، كما جعلت للقوانين الاتحادية الأولوية على سائر التشريعات والقرارات التي تصدرها سلطات الإمارات. كذلك أكدت هذه المادة على مبدأ تدرج القواعد القانونية، بنصها على أنه في حال التعارض بين أي منها، يبطل من التشريع الأدنى ما يتعارض مع التشريع الأعلى، وبالقدر الذي يزيل ذلك التعارض.​

شكراً على آرائكم