الدستور في سطور- الجزء الخامس
مارس 30, 2014
ضمانات الحقوق والحريات العامة…
نستكمل في هذا العدد الحقوق والحريات العامة التي تضمنها دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث نتناول مجموعة الضمانات اللازمة لحماية الحقوق والحريات العامة والتي تكفل ممارسة الأفراد لحقوقهم وتمتعهم بها تمتعاً حقيقياًً، وذلك بضمان عدم اعتداء السلطة على هذه الحريات أو المساس بها. ويمكننا تلخيص هذه الضمانات فيما يلي:
– مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية والتكافل:
يمثل إقرار مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية ضمانة أساسية من ضمانات الحريات والحقوق العامة. ويعنى مبدأ المساواة أن الأفراد متساوون في التمتع بالحقوق والحريات العامة دون أية تفرقة بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
ويعتبر مبدأ المساواة حجر الزاوية في كل تنظيم للحقوق والحريات العامة. وبغيره ينهار كل مدلول للحرية. لذلك نجد جميع الأنظمة السياسية تقرر أن تنظيم الحقوق والحريات العامة، وما قد يتضمنه هذا التنظيم من تقييد أو تحديد، لا يمكن أن يتم إلا بقوانين عامة مجردة تكفل المساواة بين جميع المواطنين.
وقد ارتبط تعريف الحرية بمبدأ المساواة، حيث كانت تعرف الحرية اشتقاقاً من مبدأ المساواة. حيث كان يعد الفرد حراً إذا كان تصرف الدولة (الحكومة) نحوه ليس سوى مجرد تطبيق أو تنفيذ لقاعدة عامة وضعت لجميع الأفراد على السواء (أي دون تمييز بينهم) ودون النظر إلى طبيعة القاعدة العامة أي سواء كانت ذات صبغة استبدادية تعسفية أو لم تكن كذلك.
وهكذا تمثل المساواة أساساً للحرية، فإذا لم تكن ثمة مساواة بين الأفراد في التمتع بالحرية، فإنه لا يصح الادعاء بأن ثمة حرية. وللمساواة قيمة أساسية في نطاق تطبيق مبدأ الحريات، ذلك أنه ما لم تكن الحرية في متناول الجميع، فلا وجود للحرية.
والمقصود بالمساواة هي المساواة القانونية، والتى تتم بالاعتراف لكافة أفراد الجماعة بالحق في التمتع بالحقوق والحريات العامة، بغض النظر عن مدى إمكانية تمتعهم الفعلي بهذه الحقوق والحريات.
وقد أكد الدستور الإماراتي على مبدأ المساواة بكافة صوره؛ حيث قررت المادة (14) منه أن مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية من دعامات المجتمع الإماراتي؛ إذ قضت بأن “المساواة، والعدالة الاجتماعية، وتوفير الأمن والطمأنينة، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، من دعامات المجتمع. والتعاضد والتراحم صلة وثقى بينهم”.
وأيضاً المادة (25) منه التي تؤكد على مبدأ المساواة أمام القانون، والذي يعني أن جميع المواطنين يكونون طائفة واحدة بلا تمييز لأحدهم على آخر في تطبيق القانون، حيث تنص على أن “جميع الأفراد لدى القانون سواء، ولا تمييز بين مواطني الاتحاد بسبب الأصل أو الموطن أو العقيدة الدينية أو المركز الاجتماعي”.
كذلك المادة (35) من الدستور التي تقرر مبدأ المساواة أمام وظائف الدولة، ومقتضاه أن يتساوى جميع المواطنين في تولي الوظائف العامة وأن يعاملوا نفس المعاملة من حيث المؤهلات والشروط المطلوبة قانوناً لكل وظيفة، ومن حيث المزايا والحقوق والواجبات والمرتبات والمكافآت المحددة لها، حيث تنص على أن “باب الوظائف العامة مفتوح لجميع المواطنين، على أساس المساواة بينهم في الظروف، ووفقاً لأحكام القانون. والوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها. ويستهدف الموظف العام في أداء واجبات وظيفته المصلحة العامة وحدها”.
وأخيراً المساواة أمام الضرائب والتكاليف العامة، حيث تنص المادة (42) من الدستور الإماراتي على أن “أداء الضرائب والتكاليف العامة المقررة قانوناً، واجب على كل مواطن”. كما تؤكد المادة (133) من الدستور على مبدأ المساواة في أداء هذا الواجب -أداء الضرائب والتكاليف العامة- بقولها: “لا يجوز فرض أية ضريبة اتحادية أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون، ولا يجوز إعفاء أحد من أداء هذه الضرائب في غير الأحوال المبينة في القانون. كما لا يجوز تكليف أحد بأداء أموال أو رسوم أو عوائد اتحادية إلا في حدود القانون وطبقاً لأحكامه”.