دور الجمعيات ذات النفع العام في دعم برنامج التمكين السياسي في الإمارات العربية المتحدة | وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي

دور الجمعيات ذات النفع العام في دعم برنامج التمكين السياسي في الإمارات العربية المتحدة

يونيو 30, 2015

دور الجمعيات ذات النفع العام في دعم برنامج التمكين السياسي في الإمارات العربية المتحدة

مقدمة:

يشير مفهوم التمكين -في معناه
العام- إلى امتلاك الفرد للقدرة والإمكانات التي تمكنه من أن يصبح عنصراً فاعلاً
في إحداث تغيير في جوانب محيطه السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيره؛ أي تأمين قدرة
أفراد المجتمع على الفعل (إحداث تغيير في الآخر فرداً كان أم جماعة). وبهذا
المعنى، فإن معنى التمكين يصبح مضاداً لمعان أخرى كالتمييز والتهميش والإهمال
والاستبعاد والإقصاء.

وعليه يمكن تعريف “التمكين السياسي”
بأنه العملية التي يتم بموجبها القضاء على جميع أشكال عدم المساواة في المجتمع وضمان
الفرص المتكافئة للأفراد في استخدام موارد المجتمع، وفي المشاركة السياسية تحديداً،
وذلك من خلال تبني سياسات وإجراءات وهياكل مؤسسية قانونية.

وتتفق أدبيات العلوم السياسية
المعاصرة على أن التمكين السياسي لا يتحقق إلا من خلال تأهيل المواطنين وتنمية
مهاراتهم وزيادة قدراتهم على الاختيار السليم واتخاذ القرارات المناسبة.

أولاً: في
التعريف بالمشاركة السياسية:

يُقصد بالمشاركة السياسية -في مفهومها الواسع- العملية التي يقوم الفرد من
خلالها بالإسهام الحر الواعي في صياغة نمط الحياة لمجتمعه في المجالات الاقتصادية
والاجتماعية والسياسية، وذلك بأن تتاح له الفرصة الكافية للمشاركة في وضع الأهداف
العامة لحركة المجتمع، وتصور أفضل الوسائل لتحقيق هذه الأهداف، مع تحديد دور كل مواطن
في إنجاز المهام التي تتجمع على المستوى القومي في أهداف عامة ليضطلع بها الأفراد.

بينما يُقصد بها -في مفهوم أضيق- تلك الأنشطة الإرادية التي يزاولها أعضاء
المجتمع بهدف اختيار ممثليهم والمساهمة في صنع السياسات والقرارات بشكل مباشر أو
غير مباشر.

وبوجه عام، تعني المشاركة السياسية حق المواطن في أن يؤدي دوراً معيناً في
عملية صنع القرارات السياسية في دولته، أو –على الأقل- حق ذلك المواطن في أن يراقب
هذه القرارات بالتقويم والضبط عقب صدورها من السلطة السياسية الحاكمة في الدولة.

ومن ثم فإن المشاركة السياسية تحمل معنى إيجابياً يتمثل في اشتراك
المواطنين بدور ايجابي في الحياة السياسية عن طريق ممارسة حقهم في التصويت والترشح
للهيئات النيابية، أو قيامهم بمساندة القيادات الحكومية في إدارتها للعمل السياسي
في الدولة، أو –على الأقل- مناقشة القضايا السياسية مع الآخرين من خلال الانضمام
إلى منظمات المجتمع المدني المختلفة.

إلا أن ذلك لا يعني أن المشاركة السياسية تتطلب مشاركة جميع المواطنين في
كل الأنشطة والمجالات السياسية المختلفة في الدولة وفي كل الأوقات، بل يعني ذلك
مشاركة أكبر عدد ممكن من المواطنين في أكبر عدد ممكن من هذه الأنشطة والمجالات
السياسية، وذلك بالقدر الذي تسمح به استعدادات هؤلاء المواطنين وقدراتهم وميولهم.

وتتنوع
صور مشاركة المواطنين في الحياة العامة إلى عدة أنشطة تقليدية وأخرى غير تقليدية.
وتشمل الأنشطة التقليدية التصويت في الانتخابات ومتابعة الشؤون السياسية، والمشاركة
في الحملات الانتخابية سواء بالمال والدعاية، والانضمام إلى الجمعيات ذات النفع
العام، والترشيح للمناصب العامة وتقلد المناصب العليا في الدولة. بينما تشمل
الأنشطة غير التقليدية بعض الأنشطة القانونية مثل التقدم بالشكاوى إلى السلطات
العامة، وبعضها الآخر قانوني -في بعض البلاد وغير قانوني في بلاد أخرى-كالتظاهر
السلمي والإضراب وغيره من السلوكيات السلبية.

ويحدد
الباحثون عدة مراحل لتطور المشاركة السياسية للمواطنين، من منطلق أن المشاركة السياسية بأطرها المختلفة هي عملية تدريجية
يكتسب المواطنون قيمها والخبرة بها من خلال انخراطهم في مؤسسات المجتمع المختلفة
الرسمية وغير الرسمية (البيت- المؤسسات التربوية-مؤسسات العمل- دور العبادة-
منظمات المجتمع المدني) وصولاً إلى الانخراط في المؤسسات السياسية والدستورية في
الدولة.

وتبدأ
المشاركة السياسية للمواطنين بمرحلة الاهتمام السياسي، أي مجرد اهتمام المواطن
بالشؤون العامة من وقت إلى آخر، ومتابعة الأحداث السياسية التي تطرح على الساحة
السياسية في الدولة. ثم تأتي مرحلة المعرفة السياسية، أي معرفة المواطن بالشخصيات
ذات الدور السياسي في المجتمع سواء على المستوى المحلي (كأعضاء المجلس النيابي) أو
على المستوى القومي (كالوزراء). ويلي ذلك مرحلة التصويت السياسي، أي مشاركة
المواطن في الحملات الانتخابية للمرشحين ودعمهم -مادياً ومعنوياً-من خلال تمويل
حملاتهم الانتخابية والتصويت لصالحهم في الانتخابات. وأخيراً هناك مرحلة المطالب
السياسية، والتي تتمثل في اتصال المواطن بالأجهزة الحكومية في الدولة وتقديم
الشكاوى إلى السلطات العامة والاشتراك في الجمعيات ذات النفع العام.

ثانياً:
المشاركة السياسية في الإمارات العربية المتحدة:

شهدت
الإمارات العربية المتحدة -عبر تاريخها- رسوخ مبادئ الشورى وأصول المشاركة الشعبية
في مسيرتها الحضارية وبنائها المجتمعي. فلقد عرف شعب
الإمارات الشورى ومارسها كنهج أصيل يحكم العلاقة بين الحكام والمواطنين منذ عقود
طويلة قبل قيام الاتحاد. وتُعد مجالس الحكام أهم الأماكن التي يتم فيها تبادل
الرأي والمشورة حول مختلف قضايا المواطنين وهمومهم ومشاكلهم ووسائل التغلب عليها،
وكيفية تلبية احتياجاتهم وتحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم.

وقد نشأ
الاتحاد بين إمارات الدولة المختلفة في سنة 1971م كنتيجة مباشرة لسيادة قيم
المشاركة ونهج الشورى بين قادتها الذين آلوا على أنفسهم أن يحققوا هدفاً أسمى وهو
قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.

كما أُرسيت
قواعد الحكم الاتحادي على أسس سليمة، وصفتها ديباجة الدستور بأنها أسس تتمشى مع
واقع الإمارات وإمكاناتها في الوقت الحاضر، وتطلق يد الاتحاد بما يمكنه من تحقيق
أهدافه، وتصون الكيان الذاتي لأعضائه بما لا يتعارض وتلك الأهداف، وتعد شعب
الاتحاد في الوقت ذاته للحياة الدستورية الحرة الكريمة، مع السير به قدماً نحو حكم
ديمقراطي نيابي متكامل الأركان، في مجتمع عربي إسلامي متحرر من الخوف والقلق.

وكخطوة
أولى في سبيل إقامة حكم نيابي متكامل الأركان، تم التفكير في تأسيس مجلس يقوم إلى
جانب المؤسسة التنفيذية، ليقدم لها العون في عملية سن التشريعات التي تنظم شؤون
الجماعة، فتم إنشاء المجلس الوطني الاتحادي في سنة 1972م.

ومن ثم
فقد ظلت المشاركة السياسية في دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها مفهوماً
راسخاً في واقعها السياسي والاجتماعي والثقافي لما تتصف به من روح التسامح
والتصالح، ليس –فقط-على المستوى الرسمي بل على المستوى الشعبي أيضاً.

ولم تقف
عجلة التطور عند هذا الحد، بل إن دولة الإمارات العربية المتحدة عبر تجربتها التنموية
قد أسست لإطار سياسي يدعم المشاركة السياسية من خلال بناء اجتماعي وتنموي يرعى
المشاركة ويعززها؛ إذ خلقت تجربة الإمارات التنموية وانفتاحها على الأرض حقائق
وأبرزت واقعاً يعزز فكرة المجتمع المنفتح وبما تنطوي عليه من مبادئ المشاركة
السياسية. فتكريس مبدأ سيادة القانون وإدراك مدى أهميته من جانب الدولة إنما يساهم
في تعزيز المشاركة السياسية، أضف إلى ذلك هذا الانفتاح الإعلامي الذي تشهده
الإمارات والذي يعد مكوناً أساسياً من مكونات إثراء التجربة الإماراتية وتنوعها.

علاوة على
ذلك، يمثل السجل الإيجابي للإمارات في مجال تمكين المرأة حافزاً مهماً في ترسيخ
المشاركة السياسية وتعزيزها، وعاملاً أساسياً لوجود قبول عام لتحديث المشاركة
السياسية وتطوير قنواتها.

ثالثاً: خطاب التمكين:

يعد
برنامج التمكين السياسي الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس
الدولة –حفظه الله- بمناسبة العيد الوطني الرابع والثلاثين للاتحاد في عام 2005م
(والذي اعتبره المجلس الأعلى للاتحاد خطة عمل وطنية) علامة فارقة –بكل المقاييس- في
مسيرة ترسيخ وتعزيز أسس المشاركة السياسية في عملية صنع القرار الوطني.

كما يعد هذا
البرنامج أساساً لكثير من التطورات الإيجابية في مسيرة المشاركة السياسية، وإعادة
بناء المؤسسات الاتحادية كماً وكيفاً لتواكب التطورات والتغيرات التي تشهدها
الدولة، ويلعب فيها المجلس الوطني الاتحادي دوراً محورياً وفاعلاً بوصفه سلطة
مساندة ومرشدة وداعمة للمؤسسة التنفيذية. حيث أكد سموه على هذا الأمر بالقول:
“…إن المرحلة المقبلة من مسيرتنا وما تشهده المنطقة من تحولات وإصلاحات
تتطلب تفعيلاً أكبر لدور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة
وداعمة للمؤسسة التنفيذية. وسنعمل على أن يكون مجلساً أكبر قدرة وفاعلية والتصاقاً
بقضايا الوطن وهموم المواطنين تترسخ من خلاله قيم المشاركة ونهج الشورى من خلال
مسار متدرج منتظم قررنا بدء تفعيل دور المجلس الوطني عبر انتخاب نصف أعضائه من
خلال مجالس لكل إمارة وتعيين النصف الآخر بادئين مسيرة تكلل بمزيد من المشاركة
والتفاعل من أبناء الوطن”.

كما أكد
سموه على أن المرحلة القادمة من مراحل العمل الوطني ستشهد تكريس مبادئ سيادة
القانون وقيم المساءلة والشفافية وتكافؤ الفرص، وذلك بالقول: “…إننا اليوم
على مشارف مرحلة جديدة غايتها تكريس مبادئ سيادة القانون وقيم المساءلة والشفافية
وتكافؤ الفرص، وتحقيقاً لهذا فإن المرحلة الجديدة تتطلب إعادة بناء وإعادة ترتيب
وإعادة تأهيل للنظم والهياكل الحكومية القائمة من حيث بنيتها ووظيفتها.

وهذا ما
أكد عليه –أيضاً- صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس
مجلس الوزراء حاكم دبي –رعاه الله- بقوله: “…نحن لنا خصوصيتنا، دولتنا
فتية، وقد قطعنا أشواطاً طويلة في التنمية الاقتصادية والتنمية السياسية والتنمية
البشرية والتنمية الاجتماعية، والآن دخلنا في مرحلة التنمية المؤسسية بتوسيع
وتعميق المشاركة عبر المجلس الوطني الاتحادي…”.

كما تجدر
الإشارة إلى أن خطاب التمكين قد أكد على ضرورة زيادة الاهتمام بالعمل التطوعي
وتنمية دور منظمات المجتمع المدني والمؤسسات السياسية والدينية والثقافية في غرس
المبادئ والقيم الاجتماعية التي تنهض بالمجتمع وتكرس مفهوم المشاركة السياسية
الواعية والمدركة لواجباتها الوطنية. وفي هذا الخصوص، قال صاحب السمو رئيس الدولة
(حفظه الله): “…لقد آن الأوان لمؤسساتنا السياسية والدينية والثقافية
والإعلامية والتعليمية ومنظمات المجتمع المدني أن تتحمل مسؤولياتها في غرس قيم
العمل داخل المجتمع وتغيير النظرة السلبية المرتبطة بالعمل المهني واليدوي والتأكيد
على مفهوم العمل باعتباره مسؤولية وقيمة إنسانية حضارية ودينية. كما أن لهذه
المؤسسات أن تعمل على تنويع مهارات المواطن ورفع مستوى إنتاجيته وتشجيع الاستثمار
في مجالات التنمية البشرية وتطوير الخدمات التطوعية وترسيخ مفهومها وأهميتها لدى
أفراد المجتمع والارتقاء بوسائلها وأساليب أدائها بتشجيع وتسهيل قيام جمعيات
تطوعية متخصصة تعنى بتنمية المجتمع وزيادة اهتمام الجهات التعليمية والإعلامية
والثقافية والرياضية للقيام بالمزيد من الجهد في توعية المواطن ودعوته إلى الخدمات
التطوعية وترسيخ أهمية العمل التطوعي في مناهج التربية الوطنية في مراحل التعليم
المختلفة”.

رابعاً: مبدأ التدرج في تنفيذ
برنامج التمكين:

يتم تنفيذ
برنامج التمكين من خلال عدة تغييرات جاءت منسجمة مع الفلسفة التي تنتهجها القيادة
السياسية والقائمة على مبدأ التدرج في تطوير التجربة البرلمانية بما يتوافق مع
خصوصية التركيبة الاجتماعية والسياسية للمجتمع الإماراتي، واستناداً إلى مبدأ
الشورى، والذي اعتبره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة –حفظه
الله– إلى جانب العمل وجهين لعملة واحدة، وهما أقوى ضمانة للوحدة الوطنية.

وعلى هذا
الأساس، تقوم عملية التحديث السياسي كجزء مهم من التنمية المتوازنة في الدولة على
أن يكون التدرج من خلال خطوات محددة يتم على أساسها تحديد كل خطوة والبناء عليها،
بحيث يخلق هذا التدرج ثقافة انتخابية تعزز المكتسبات وتعمق الولاء الوطني، ويكون
نجاح المرحلة الأولى أساساً لنجاحات المراحل التالية. حيث أن التدرج يعطى الفرصة
لتقييم كل مرحلة على حدة والتأمل في نتائجها بهدوء وروية للاستفادة من إيجابياتها
واجتناب سلبياتها بما يضمن في النهاية تحقيق أفضل النتائج والوصول إلى الهدف
المنشود بخطى واثقة.

ومن ثم
يتم التحديث السياسي من خلال تحرك مدروس في ظل خطط عمل متقنة لا تعتمد على سرعة
الإنجاز فقط بل تعتمد على خطة تهدف إلى ضمان النجاح في كل مرحلة والبناء عليها.

خامساً: انتخابات المجلس
الوطني الاتحادي:

تُعرف
الانتخابات بأنها أسلوب للاختيار ووسيلة لإسناد السلطة إلى آخرين لممارسة مهام
سلطة سياسية أو إدارية نيابة عن جموع المواطنين. وبهذا المعنى يشير مفهوم الانتخابات إلى حق المواطنين الذين
تتوفر فيهم الشروط القانونية في اختيار ممثليهم في المجلس النيابي، والمشاركة في
إدارة الشؤون العامة لبلدهم.

وتبرز أهمية الانتخابات في الحياة السياسية لأي مجتمع باعتبارها
السبيل إلى قيام مجلس نيابي يستند في قيامه إلى إرادة المواطنين، بحيث يصبح هو
المنبر الذي يعبر عن رغبات وطموحات المواطنين والتي تتلاقى مع سياسات واستراتيجيات
الحكومة من أجل تحقيق الحياة الكريمة لهم، وترسيخ دعائم المشاركة السياسية. فضلاً عن أن الانتخابات هي مناسبة مهمة لإثارة القضايا
العامة وطرح أفضل الحلول لها، وترتيب أولويات العمل الحكومي.

وتعتبر
الانتخابات -بوصفها وسيلة لإسناد السلطة السياسية- وسيلة حديثة في المجتمع
الإماراتي، حيث لم يتم استخدامها كوسيلة من وسائل انتخاب نصف عدد أعضاء المجلس
الوطني الاتحادي إلا في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التي أجريت عام 2006م، ثم
في انتخابات المجلس الأخيرة التي أجريت عام 2011م.

سادساً: الجمعيات ذات النفع العام في النظام السياسي لدولة الإمارات العربية المتحدة:

تتميز دولة الإمارات العربية المتحدة بتعدد أهداف ومجالات العمل الاجتماعي التطوعي فيها. ويتجلى هذا التعدد في صورة الجمعيات المتعلقة بالشؤون النسوية وحقوق الإنسان والجمعيات الخيرية والجمعيات الدينية والجمعيات الثقافية وجمعيات الفنون الشعبية والمسرح وجمعيات الجاليات الأجنبية وغيرها.

ويشار إلى الإمارات العربية المتحدة تتصدر الدول العربية في عدد الجمعيات ذات النفع العام الثقافية والفنية وجمعيات التراث والفنون الشعبية والمعنية بدعم الأسرة واستقرارها وتمكين المرأة وتعزيز مكانتها الاجتماعية.

كما يشار في هذا الخصوص إلى بروز نوع من الجمعيات ذات النفع العام يُطلق عليها “جمعيات التمكين السياسي”. وهي جمعيات تتركز أنشطتها في تنفيذ برامج التوعية السياسية التي تهدف إلى التمكين السياسي للفئات المهمشة (كالنساء والشباب)، والمطالبة بحق المواطنين في التصويت، والحفاظ على حقوقهم السياسية، وإجراء البحوث والدراسات حول القضايا السياسية. ويعتبر هذا النوع من الجمعيات هو الأحدث في وطننا العربي.

وتتميز جمعيات النفع العام في دولة الإمارات العربية المتحدة بعدة خصائص، أهمها:

– الاستقلالية عن الحكومة.

– عدم وجود تمويل خارجي.

– عدم التبعية لأية منظمات أجنبية.

– عدم الانخراط في الأنشطة السياسية.

– تركيز أنشطتها على القضايا الإنسانية والخيرية والمهنية والبيئية.

إلا أن الجمعيات ذات النفع العام يمكنها أن تلعب دوراً ما في النظام السياسي لدولة الإمارات العربية المتحدة من خلال الآتي:

· يمكنها أن تكون بمثابة حلقة وصل بين الشعب والحكومة.

· يمكنها أن تلعب دوراً في تعزيز المشاركة السياسية.

· يمكنها المساهمة في رفع مستوى الوعي العام حول برنامج التمكين السياسي في الدولة وبخاصة انتخابات المجلس الوطني الاتحاد.

· يمكنها تثقيف فئات المجتمع بحقوقهم وواجباتهم كمواطنين وبخاصة الحق في التصويت.

· يمكنها تشجيع المواطنين على التفاعل مع الحملات الانتخابية والمشاركة بالتصويت في الانتخابات.

· يمكنها المساعدة في تطوير القيم للحياة الديمقراطية مع احترام المرشحين وجهات النظر.

· يمكنها تسليط الضوء على مصالح الفئات المهنية التي يمثلونها (المحامين والأطباء والمعلمين…. الخ) ويمكن رفع اقتراحاتهم إلى الوزارات المعنية.

· إعلام الجمهور بالقضايا العامة المهمة، وذلك عن طريق تنظيم حلقات دراسية ومناقشة القضايا ذات المصلحة العامة أو المصلحة الفردية ونقل النتائج إلى الحكومة أو مشاركتها مع المواطنين من خلال وسائل الإعلام.

· المساعدة في ضمان تسيير إجراءات العملية الانتخابية ورفد متطوعين للقيام بتلك المهام.

أما بالنسبة للدور الذي يمكن أن تلعبه جمعيات النفع العام في تعزيز برنامج التمكين السياسي؛ فإنه يتعين القول أن متطلبات مرحلة التمكين والمشاركة السياسية تقتضي أن تلعب الجمعيات ذات النفع العام دوراً في تعزيز أسس هذه المرحلة وتدعيم ركائزها من خلال تعزيز الوعي السياسي للمواطنين بقيمة البرنامج وأهدافه وأهمية التفاعل مع تطورات الحياة السياسية وضرورة المشاركة فيها تحقيقاً لمصلحة الوطن والمواطنين، وكذلك غرس مكونات الثقافة السياسية السليمة وتنميتها لدى شرائح المجتمع المختلفة. وفي هذا الخصوص، فإنه يمكن تقرير الحقائق التالية:

1. أن برنامج التمكين السياسي يتماشى مع أهداف جمعيات النفع العام، من منطلق سعيها إلى تحقيق الصالح العام وحده دون الربح المادي.

2. أنه منذ أن تم إعداد برامج لبناء المجتمعات والأمم من خلال المشاركات السياسية، فإن جميع الفئات المهنية هي المعنية –أساساً- بالمساهمة في عملية التنمية السياسية وبخاصة الانتخابات.

3. يمكن أن يكون لجمعيات النفع العام دور فعال في دعم انتخابات المجلس الوطني الاتحادي.

4. أن المشاركة السياسية ضرورة لحماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.

5. أن المشاركة السياسية هي آلية لنقل احتياجات وتطلعات المواطنين للحكومة.

6. تساعد الجمعيات على تحقيق الاستقرار والوعي الشامل في المجتمع وتتيح التعاون البناء بين المواطنين والحكومة.

7. أن المشاركة السياسية تضمن استكمال السياسات والخطط مع آراء أو تطلعات المواطنين.

8. يمكن لجمعيات النفع العام أن تلعب دوراً بارزاً ونشطاً في تثقيف فئات المجتمع المختلفة.

الخاتمة..

وفي ختام هذه الورقة الموجزة، يتعين علينا التذكير بقولين:

أولهما: قول صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل
نهيان رئيس الدولة (حفظه الله) عقب إعلان نتائج انتخابات المجلس الوطني الاتحادي
التي عام 2006: “إن التدرج في الممارسة البرلمانية هو تعبير عن خصوصية
التجربة السياسية لدولة الإمارات، وقد ساهمت تلك السياسة التي أرسى قواعدها
المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في توفير الاستقرار والازدهار لتجربتنا
الاتحادية وتدعيمها، ونحن إذ نعتمدها اليوم أسلوباً لتطوير مبدأ المشاركة ندرك أن
هذا التدرج سيساهم في بناء تجربة برلمانية ناضجة تتوفر لها المقومات التي تمكنها
من القيام بدورها الدستوري على الصعيدين التشريعي والرقابي”.

وثانيهما: قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم- نائب رئيس
الدولة ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله): “إن كل أبناء وبنات
الإمارات يجب أن ينظروا إلى صورة الحدث بكل أبعادها، وأن يشاركوا في إنجاح تجربة
الانتخابات؛ فالحياة مستمرة، ودورات المجلس الوطني متعاقبة، وقاعدة المشتركين
ستتسع”.

شكراً على آرائكم